الدولة الكوردستانية قادمة ولم نكن جزء من العراق حتى ننفصل عنه
ـ لم نحصل على ضوء أخضر من أمريكا والغرب للاستقلال لكنهم لم يقولوا لنا إنه خط أحمر
ـ مستقبل العراق العربي غير مضمون وما يشهده سيؤدي إلى توترات نريد قطع الطريق عليها.
ـ العمق العربي استراتيجي بالنسبة لنا .. ونطمح إلى علاقات أكبر مع مصر .. ولسنا مرتهنين بالمواقف التركية
اجرى الحوار: السيد عبدالفتاح علي
أكد هيمن هورامي، مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ حزب مسعود بارزاني ـ أن الدولة الكوردستانية باتت قريبة وأنها قادمة لا محالة، لكنه قال إن ذلك يجب أن يتم من خلال عملية تفاوضية مع الحكومة العراقية، مشيرا إلى أنه ليس هناك ضوء أخضر من جانب الولايات المتحدة والغرب في هذا الأمر، لكن في نفس الوقت ليس هناك ضوء أحمر تجاهه. وشدد هورامي خلال لقائه مع "صوت الأمة" في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، على أن الإقليم سيكون دولة مستقلة لأن الأكراد يرفضون أن يكونوا جزء من استمرارية الوضع الحالي في بغداد، وأن يكونوا جزء من مستقبل غير مضمون، حيث أن مستقبل العراق العربي غير إيجابي بعد شرعنة الحشد الشعبي والمجالس العشائرية والعلاقات غير السليمة بين الشيعة والسنة، ما سيؤدي إلى توترات في المستقبل، والأكراد يريدون قطع الطريق عليها.
ونفى هورامي تهمة الانفصال عن الأكراد ـ بحسب رأيه ـ لأنهم لم يكونوا أصلاً جزء من العراق حتى ينفصلوا. معترفا بأن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية وإن كانت غير مناسبة لكن ذلك لا يعني أنها ستكون مناسبة مستقبلاً. مؤكدا أن الأكراد صاروا لاعبين أساسيين في المعادلة السياسية والعسكرية والأمنية في المنطقة، وأن العمق العربي "استراتيجي" بالنسبة لهم، مطالباً بمستوى أعلى من العلاقات مع العرب وخاصة مصر لثقلها التاريخي والسياسي في الشرق الأوسط .
• هل بدأ العد التنازلي ليعلن الكرد دولتهم ؟
ـ تقرير المصير حق طبيعي لأي شعب، وعندما تم تخييرنا في بداية القرن الماضي بين أن نكون جزء من تركيا أو العراق بعد انهيار الدولة العثمانية، اخترنا العراق، لكن منذ هذا الوقت وحتى عام 2003 الحكومات العراقية المتتالية تعرض الكرد للاضطهاد والتهميش والإقصاء. والسؤال ماذا كان نصيب الكرد كمواطنين في العراق؟ والإجابة الإبادة الجماعية والقصف الكيماوي وعمليات الأنفال وهدم وتدمير 4500 قرية . وبعد سقوط نظام صدام حسين، ولو أننا منذ انتفاضة 1991 كنا شبه مستقلين وعندنا كل شئ. فإن الرئيس بارزاني مع الرئيس طالباني ذهبا إلى بغداد أملا في عراق جديد مبني على الديمقراطية التعددية والشراكة الحقيقية. لكن بعد 14عاما ماذا حققنا من العراق الجديد؟ الفيدرالية غير موجودة، وحتى الآن هناك 46 مادة في الدستور العراقي لم تطبق .وموضوع الموارد والثروات لم نستلم حصتنا ولو مرة واحدة. والمادة 140 في موضوع المناطق المتنازع عليها لم يتم تفعيلها. والمجلس الاتحادي لم يؤسس.
في عام 2014 المالكي قطع بشكل كامل ميزانية الإقليم. وعندما هاجمنا داعش لم تحمي الحكومة العراقية الإقليم، بل كانت الحكومة جزء من هذا الخطر بسبب السياسات المذهبية للمالكي. ولهذا فإننا أمام الاختيار إما أن نكون جزء من مستقبل غير مضمون يعيد ما كان عليه العراق في السابق، أو نختار مستقبلنا، بغداد رفضت أن تقبل الكرد كشريك للحكم في العراق، ونحن نرفض أن نكون تابعين.
والعراق والعمق العربي في العراق استراتيجي لنا، ونريد عن طريق الحوار المكثف الأخوي، إذا لم ننجح أن نكون شريكين أساسيين في الحكم يمكن أن نكون متحابين وصداقة كاملة بيننا.
بصراحة لن نكون جزء من استمرارية الوضع الحالي في بغداد. وقد بدأت هذه العملية عندما زار الرئيس بارزاني بغداد والتقى رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقادة التحالف الوطني وتم مناقشة هذا الموضوع، ونناقشها مرة أخرى ونبني على الإيجابيات ونكون عمق للعراق وهو يكون عمق لنا . ونحن متفائلين أن نحصل على نتيجة إيجابية .
• إذن نستطيع أن نقول إن الكرد لا يفكرون في الانفصال بالأساس وما يهمهم أن يكونوا في وطن يراعي حقوقهم وخصوصياتهم وشركاء فيه؟
ـ السؤال هو هل نحن الكرد نعيش على أراضي غيرنا أم على أرضنا ؟ هل احتللنا قرية أو مدينة عربية؟ قبل تشكيل العراق عام 1921 هل كانت كردستان والكرد موجودون على أراضيهم ؟ نعم . هل كنا جزء من كيان اسمه العراق؟ لا. لسنا إنفصاليين لأننا لم نكن جزءً من العراق. نحن نطلب أن يختار شعبنا في عملية ديمقراطية سلمية ما يريد؟ وعلى المثقفين العرب والرأي العام العربي أن يفهموا أننا جزء من الحل وليس من المشكلة، نريد حق تقرير المصير لنكون جزء من الحل. لأن مستقبل العراق العربي صراحة غير إيجابي بعد شرعنة الحشد الشعبي والمجالس العشائرية، والعلاقة بين السنة والشيعة في العراق، ومستقبل العراق فيما بعد داعش وعلاقة العسكر بالسلطات المدنية، والصراع السني/ السني، والسني/ الشيعي، والشيعي/ الشيعي.
كل ما سبق يعطينا مؤشرات أن البقاء على الوضع الموجود سيؤدي إلى توترات في المستقبل نريد أن نقطع الطريق عليها ونحل كل الموضوعات سلميا مع بعضنا البعض. لا نريد حربا أخرى. نريد أن نزدهر ونكون جزء من الاستقرار في المنطقة كلها .
• هل الظروف الداخلية سواء في الإقليم أو في العراق، والظروف الإقليمية والدولية مناسبة لإعلان دولتكم؟
ـ الظروف المثالية غير موجودة في أي مكان بالعالم، وإذا انتظرناها لن نفعل شيئاً. الاستقلال المعلب غير موجود حتى نستورده. الوضع الاقتصادي غير مثالي، والتوحد بين الأحزاب الكردية غير مثالي، والوضع الإقليمي غير مثالي وكذلك الوضع الدولي. لكن السؤال: إذا لم يكن الآن فمتى وكيف؟ لنفترض بعد أي عدد من السنوات من يضمن وقتها أن يقنع الكرد أن الطروف الداخلية والإقليمية والدولية تكون مثالية ؟ ما نخشاه أن الأمور ستزداد سوء أمنياً واقتصادياً إذا لم نقرر حق تقرير المصير الكردي. ومثلا عندما تم استقلال أمريكا كان 30% فقط من الولايات مع الاستقلال والتوحد الداخلي لم يكن موجوداً.
• هناك تفهم كبير من الولايات المتحدة والغرب لمطالبكم ومواقفكم فهل هناك ضوء أخضر منهم لكم ؟
ـ الأمر ليس موضوع الضوء الأخضر والضوء الأحمر، الموضوع أن هذه المرة الأولى في التاريخ في الشرق الأوسط وخاصة كرد العراق أنهم مشاركون في اللعبة السياسية وجزء من الملعب السياسي، فمنذ عشرينيات القرن الماضي كانوا يلعبون بنا والآن نحن لاعبين أساسيين، فالغرب والولايات المتحدة والدول الإقليمية عندما يرون الكرد شريكا حقيقياً في مكافحة الإرهاب من كافة النواحي العسكرية والمعلوماتية وفي الجهود الدولية لإيواء النازحين. وعندما يرون كردستان بلداً متعدداً من حيث الأديان والمكونات وجميعهم يعيشون بسلام، فإنهم يرون إقليم كردستان كحليف يمكن أن يعتمد عليه في منطقة تعاني عدم استقرار، فسوريا والعراق واليمن وليبيا دول فاشلة، والمناطق الأخرى متأثرة بهذا الفشل .
أمريكا والغرب لم يعطونا الضوء الأخضر لكنهم لم يقولوا لنا إن هذا الأمر خط أحمر . والاعتراف لم يكن موجودا قبل الإعلان عن الدول فكل الاعترافات كانت بعد الإعلان. وسيكون إقليم كردستان دولة مستقلة، متى وكيف ؟ نقول الآن لكن بعد المفاوضات مع بغداد والحوار معها ومع إخواننا في العراق، نحن مع مفاوضات مطولة مع بغداد، وعندما نقول الآن لانقصد "غداً" أو بعد شهر أو شهرين. وقد بدأنا الحوار ونأمل الوصول إلى نتيجة إيجابية وإذا لم نصل سنرجع إلى الشعب الكردي ونسأله وهو يقرر. وهذا يستلزم الوحدة الداخلية فهناك بعض الأحزاب الكردية غير راضية عن هذا التوجه.
• الموقف الكردي الداخلي ليس موحداً؟
ـ سياسياً وليس استراتيجياً، استراتيجياً كل الأحزاب موقفها واحد في موضوع حق تقرير المصير والاستقلال. فليس هناك كردي واحد يختلف على ذلك .
• ما حدود الدولة الكردية هل ستكون في الإقليم أم كردستان الكبرى؟
ـ إقليم كردستان العراق داخل العراق، ليس لدينا استراتيجية لإقامة الدولة الكردية من الأجزاء الكردية في سوريا وتركيا وإيران، فالكرد في هذه الأجزاء لديهم سياقات وقيادات سياسية وثقافة سياسية مختلفة. نحن نعني كردستان العراق .
• هناك اتهامات بأن أربيل وحزبكم مرتهنون بالقرار التركي ؟
ـ هذا غير صحيح. موقفنا من تركيا واضح جدا. تركيا جارة استراتيجية لنا. وتركيا هي التي غيرت استراتيجيتها ومواقفها منا. من إنكار ورفض للتعاون مع الإقليم منذ 2002 واجتياحه ووقتها قال الرئيس بارزاني للعالم ولتركيا إذا أرادت أن تدخل الإقليم فسيكون ذلك على جثته، وعندما واجه بارزاني هذه المواقف التركية لماذا لم يقولوا إننا قريبون من تركيا. لكن في عام 2009 الحكومة التركية غيرت موقفها من الإقليم واعترفت به وفتحت قنصلية دبلوماسية فيه، وبدأت بمبادرة سياسية مع الأكراد في تركيا. وجاء رئيس الوزراء التركي انذاك أردوغان أثناء افتتاح مطار أربيل وقال إن زمن إنكار الشعب الكردي قد ولى. فهل بعد كل هذه المبادرات لا يكون لدينا استجابات إيجابية للوقوف مع تركيا؟
وعندما تم تشريع قانون الاستثمار في الإقليم فإنه ومن 3300 شركة أجنبية تستثمر في الإقليم هناك 1300 شركة تركية، والتبادل التجاري بين تركيا والعراق يبلغ 12 مليار دولار في عام 2013 نصيب الإقليم منها وحده 9 مليارات دولار. وهناك اعتماد تركي على مصادر الطاقة من الإقليم ، فلدينا 8 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يمثل 6% من الغاز في العالم، وتركيا تحتاج 12 مليار متر مكعب من الغاز سنويا والإقليم لوحده قادرعلى تأمين الغاز لها لمدة 70 سنة . فلهذا فإن تلك الاتهامات غير صحيحة لأننا في الإقليم لدينا سياسة خارجية مبنية على التوازن والاحترام وعدم التدخل في الشئون الداخلية وألا نكون جزء من أي اصطفافات مذهبية أو سياسية.
• ما رأيك في مستوى العلاقات مع الدول العربية وخاصة مصر وهل انت راض عنه ؟
ـ لا والله . وأقول إن العمق العربي مهم جدا بالنسبة لنا وهو استراتيجي بالنسبة لنا . ونريد أن تكون العلاقات مع الدول العربية في مستوى أكبر مما هي عليه الآن ومع مصر بصفة خاصة ، فتاريخيا أول صحيفة كردية صدرت من القاهرة ولا ننسى مواقف الرئيس جمال عبد الناصر معنا ومع المرحوم ملا مصطفى بارزاني ، والإذاعة الكردية من مصر في الخمسينات من القرن الماضي . بصراحة كنا نتوقع أكثر من مصر فهناك مشتركات وتفاهمات كثيرة ومصالح مشتركة كثيرة . وقررنا أن نبدأ بأن يكون هناك مكتب لحزبنا في القاهرة وسنعود بقوة إلى مصر وإن شاء نطور هذا ليصبح هناك ممثلية للإقليم في مصر لأن القاهرة بالنسبة لنا مهمة جدا جدا .