اظهرت وثيقة اعدتها مجموعة من الخبراء واساتذة القانون ، والقانون الدستوري والعلاقات الدولية في اقليم كوردستان ، اظهرت بدقة مجموعة المواد والفقرات الدستورية التي انتهكتها الحكومة الاتحادية .
ولطالما اتهمت حكومة اقليم كوردستان والقادة الكورد بغداد بخرق الدستور في تعاملها مع الاقليم او فيما يتعلق بمكونات الشعب العراقي الاخرى ، ما اوصل الاوضاع في البلاد الى ماهي عليها الان ، وخلقت الازمة تلو الازمة في العلاقات بين مكونات الشعب العراقي ، وكذلك في الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية.
وبحسب الذين اعدوا الوثيقة ، فإنهم حاولوا من خلالها تسليط الضوء على افراغ بغداد مضمون الدستور العراقي الدائم من معانيه المتعلقة بالحقوق و المصالح و القضايا المصيرية لشعب كوردستان و كيانه السياسي، وبالاستناد الى الادلة و المعلومات و الاراء الموضوعية اثبات حقيقة ان الحكومات العراقية المتعاقبة بعد( 2005) هي المسؤلة عن عدم تنفيذ دستور العراق، و كما قرر شعب كوردستان بحريته و اختياره الاتحاد مع مكونات و اطياف الشعب العراقي من خلال الالتزام بالدستور الذي كان يفترض ان يحفظ للعراق اتحاده الحر ارضا و سيادة، قرر ان يمارس بحريته و اختياره حقه في تقرير مصيره بنفسه من خلال الاستفتاء كوسيلة ديمقراطية و سلمية.
وفيما يلي نص الوثيقة:
المقدمة:
ان شعب كوردستان الذي يملك جميع عناصر و مقومات الهوية الثقافية و القومية و السياسية المستقلة، و الذي يعيش منذ الاف السنين في موطنه كوردستان محافظا على وجوده و هويته، و خلافا لارادته و تحت تاثير مصالح الدول الكبرى و المعادلات السياسية المرتبطة بصراعات القوى الاقليمية و الدولية، الحق بالعراق بعد الحرب العالمية الاولى قسرا مما تعرض الى القمع و الاضطهاد و مورست ضده سياسة التميز العنصري و القومي من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة و انتهكت حقوقه و حرياته، و تعرض الى الابادة الجماعية و الانفال و استخدمت ضده الاسلحة الكمياوية المحظورة و الترحيل و التهجير قسرا، و ارتكبت ضده انواع الجرائم ضد الانسانية.
و مع وجود ارادة شعبية و سياسية مستمدة من الحركة التحررية لشعب كوردستان، انتفض ضد الظلم و الدكتاتورية في ربيع عام 1991 واضعا اللبنات الاولى لكيان سياسي مستقل من خلال انتخابات ديمقراطية حرة. و ايمانا بضرورة اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق و بناء دولة جديدة ديمقراطية و تعددية حرة على اساس النظام الفدرالي، ادت القيادة السياسية لشعب كوردستان دورا بارزا في الاعداد السياسي و العسكري لانجاح عملية تحرير العراق عام 2003 و التحول الديمقراطي، وبذلت جميع امكانياتها في سبيل كتابة دستور جديد للعراق بحيث يكون عقدا سياسيا و اجتماعيا لبناء دولة مدنية يسود فيها حكم القانون و يتمتع فيها المواطنون على قدم المساواة بالحقوق و الحريات، و بذلك تمت المصادقة على دستور ديمقراطي للعراق سنة ( 2005) من خلال استفتاء دستوري شارك فيه شعب كوردستان مشاركة فعالة مع باقي مكونات الشعب العراقي، والذي تم فيه تثبيت المباديء الاساسية بيناء دولة العراق، والمتمثلة بالفدرالية و الديمقراطية والشراكة الحقيقية لقوميات ومكونات شعب العراق في السلطة والقرار السياسي، و استمرارها كدولة فدرالية ديمقراطية قادرة على مواجهة الارهاب و توفير الاستقرار و الامن و الخدمات لمواطنيها.
ان ما يؤسف له هو خروج النخبة السياسية الحاكمة و اصحاب السلطة في بغداد عن الدستور و انتهاكه، و انتهاج سياسة الاقصاء و التهميش لمكونات الشعب بدلا من المصلحة الوطنية و التسامح، و اختاروا التبعية بدلا من تحويل القرار السياسي العراقي الى قرار وطني مستقل، مع اساءة استخدام السلطة السياسية و القدرات الاقتصادية و العسكرية للدولة و كرسوا هذه القدرات لغرض سيطرة مكون و تهميش المكونات الاخرى و اضعاف الكيان السياسي للدولة، و بدلا من دعم حقوق و مكتسبات شعب كوردستان هددوا باستخدام القوة العسكرية ضده و اعلان الحرب الاقتصادية و قطع الميزانية و رواتب مواطني الاقليم، و بذلك لم يبق اي معني لمبدا الشراكة في تاسلطة السياسية.
نتيجة لهذه السياسات الخاطئة والعقلية الساسية الطائفية اصبحت الدولة العراقية ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية في الشرق الاوسط و منطلق للحرب الطائفية التي شردت الملاين و قتلت الالاف و دمرت المدن و محت التاريخ و الحضارة من خلال ترك ثلث جغرافية العراق بيد تنظيم داعش الارهابي، بحيث اصبحت احدى افشل الدول في العالم بدل ان تصبح دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية ناجحة.
نحاول في هذه المذكرة تسليط الضوء على افراغ مضمون الدستور العراقي الدائم من معانيه المتعلقة بالحقوق و المصالح و القضايا المصيرية لشعب كوردستان و كيانه السياسي، و نهدف بالاستناد الى الادلة و المعلومات و الاراء الموضوعية اثبات حقيقة ان الحكومات العراقية المتعاقبة بعد( 2005) هي المسؤلة عن عدم تنفيذ دستور العراق، و كما قرر شعب كوردستان بحريته و اختياره الاتحاد مع مكونات و اطياف الشعب العراقي من خلال الالتزام بالدستور الذي كان يفترض ان يحفظ للعراق اتحاده الحر ارضا وسيادة، فقد قرر ايضاً ان يمارس بحريته و اختياره حقه في تقرير مصيره بنفسه من خلال الاستفتاء كوسيلة ديمقراطية و سلمية.
المحور الاول: انتهاكات مبدئي الفدرالية و الشراكة الصادقة:
يعتبر مبدأ المشاركة اساس الدولة الفدرالية، حيث لا يمكن تصور تاسيس النظام الفدرالي من دون مراعاة و ضمان تطبيق هذا المبدا، الذي يتم تطبيقه من خلال مجموعة من المؤسسات و الاجراءات الدستورية، ويكمن اهمية هذا المبدأ للدولة الفدرالية في انه يعتبر كصمام امان لبقاءها موحدة و متماسكة و الحيلولة دون تفككها.
يتركز مبدأ المشاركة على اعتبار اقاليم الدولة الفدرالية كيانات لها هوية خاصة بها، بغض النظر عن انها( هوية الاقاليم) تعتمد على الاساس القومي او الديني او الطائفي او حتى الجغرافي ـ التاريخي، بحيث يجب اخذها بالاعتبار في عملية صنع القرار.و قد ياخذ ضمان تطبيق مبدا المشاركة في الدولة الفدرالية بعدين و هما: اولا البعد المؤسسي، اي تشكيل مؤسسات خاصة لتطبيق هذا المبدا، ومن ابرز هذه المؤسسات التقليدية لضمان حقوق الاقاليم في عملية صنع القرار الفدرالية، هي( المجلس الاتحادي ـHouse Uper) في السلطة التشريعية، و الذي يتكون من ممثلي الاقليم المكونة للاتحاد الفدرالي، حيث يكون تمثيل الاقليم فيه بشكل متساوي في الدول الفدرالية ، مقابل المجلس الثاني( البرلمان) و الذي يمثل المواطنين على صعيد جميع انحاء البلاد مجتمعة. كذلك يمكن استحداث مؤسسات اخرى لضمان حقوق الاقليم مقابل الاتحاد في العملية الساسية و اتخاذ القرارات. و ثانيا: البعد الاجرائي، و الذي يظهر من خلال اخذ راي و مصلحة الاقليم بنظر الاعتبار في عملية ضنع القرار من قبل المؤسسات الاتحادية، وذلك من خلال ضمان حصة الاقليم في السلطة التنفيذية الاتحادية و السلطة القضائية، ولو بشكل غير مباشر ودون تحديد الاقليم بالاسم، ووضع العوائق القانونية الخاصة مثل ضرورة الحصول على ثلثي او ثلاثة ارباع اصوات اعضاء هذه المؤسسات في عملية تكوين قراراتها، من اجل الحيلولة دون الحاق الضرر باساس الدولة الفدرالية( مبدا المشاركة) في هذه المؤسسات عن طريق اصدار القرارات بالاغلبية البسيطة او الطلقة، مما يؤدي في الكثير من الاحيان الى فرض راي ومصلحة الاقاليم الكبيرة او السلطات الاتحادية على راي و مصلحة الاقاليم الصغيرة او سلطات الاقاليم.
وما يجب الاشارة اليه هو بقاء واستمرار اية دولة فدرالية مرهون بنص الدستور الفدرالي على( مبدأ المشاركة) مع حسن تطبيقه، و قد اشار قرار مجلس الامن رقم 2367 في 14 تموز 2017 الخاص بالعراق الى اهمية هذا المبدا تحت، حيث دعى الى تعزيز التعاون بين حكومة العراق و حكومة اقليم كوردستان بروح من( المشاركة الصادقة) القائمة على اساس الدستور، هذا بالاضافة الى العديد من قرارات مجلس الامن التي اكدت بدورها على احترام مبدا المشاركة.
وقد نص دستور العراق الفدرالي لسنة 2005 على هذا المبدأ في كثير من مواده، وكان ذلك لضمان بقاء العراق موحدا و اقناع اقليم كوردستان العراق بالعودة الى اطار العملية السياسية العراقية بعد ان كان قد استقل عنها منذ عام 1991 نتيجة لاهمال حقوق الكوردستانين من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تاسيس الدولة العراقية بشكل عام ومن قبل نظام البعث بشكل خاص. ولكن على الرغم من المطالبات المستمرة لاقليم كوردستان باحترام مبدا الشراكة، الا ان الدولة العراقية منذ عام 2005 ولحد كتابة هذا التقرير، قامت بنتهاك هذا المبدا من خلال تعطيل وعدم تطبيق المواد الدستورية التي خصصت لضمان تطبيق هذا المبدا الذي اسست الدولة العراقية عليه في دستور عام 2005 و يقع تحت هذا العنوان العديد من المواد الدستورية التي انتهكتها الحكومة العراقية، ويمكن اجمال اهم هذه المواد فيما ياتي:
1 ـ المادة( 1) : و هي المادة التي غيرت ملامح الدولة العراقية عندما حددت نوع الدولة العراقية وشكل و طبيعة نظام الحكم فيها، بتأكيد على انها دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاميلة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ( برلماني) ديمقراطي . وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق. ولاجراء عملية التغيير هذه نص الدستور على الاليات و الاجرائات الضرورية في نصوص مختلفة نشير اليها في الفقرات الاتية ، ولكن السلطات الاتحادية لم تقم بعملية التغيير هذه وعطلت النصوص الدستورية المتعلقة بها، فبعد مرور اكثر من 10 سنوات على نفاذ الدستور، فلا تزال الدولة العراقية اقرب الى دولة بسيطة منها الى دولة اتحادية حقيقية ، بسبب عدم تطبيق المبادي الاساسية للنظام الفدرالي كمبدا ثنائية السلطة التشريعية العراقية و مبدا الشراكة و مبدا تعدد الاقاليم.
2 ـ المادة( 4)/ اولا و ثانيا : والتي تنص على اللغتين العربية و الكوردية هما اللغتان الرسميتان في العراق على صعيد مؤسسات الاتحاد ، وقد جاءت هذه المادة لضمان تطبيق الشراكة الحقيقية للمكونين الرئيسيين لدولة العراق و هما( العرب و الكورد)، لكن من الناحية العملية لم تضع الحكومة العراقية قانون اللغات الرسمية موضع التنفيذ الحقيقي بحيث تعطي للغتين العربية و الكوردية نفس المستوى من الصفة الرسمية. حيث لا تزال الاهمال و التهميش من نصيب اللغة الكوردية في مؤسسات الاتحاد ومناقشات جلسات النواب العراقي، كذلك لم يتم تطبيق هذه المادة على نطاق العملة العراقية، ولاتزال اللغة الكوردية التي هي احد اللغات الرسمية، غائبة على العملة العراقية.
3 ـ المادة( 9 / اولا/ الفقرات ا، ب): التي تفرض مراعاة توازن و تماثل مكونات الشعب العراقي عند تكوين الجيش العراقي، وقد جاء هذا النص في ضوء التجارب المريرة التي عاشها الشعب العراقي من سوء استخدام الجيش العراقي من قبل احد المكونات القومية او الطائفية كاداة لقمع و اقصاء باقي القوميات و مكونات الشعب العراقي. وكانت لتجربة الشعب الكوردي من قمع و ابادة على يد الجيش العراقي، خاصة في عهد نظام البعث، صدى كبيرا على المستويين الداخلي و الدولي، و للحيلولة دون تكرار هذه الماسي اقر الدستور مبدا مشاركة جميع مكونات الشعب العراقي في تكوين الجيش العراقي الجديد، لكن واقع الامر، وبعد مرور اكثر من اثني عشرة سنة على تبني الدستور الجديد، يشير بوضوح الى انتهاك هذا المبدا وبالتالي غياب التوازن بين المكونات في تكوين الجيش العراقي بل هناك عدد من الميلشيات العسكرية خارج نطاق الجيش العراقي ، من ابرزها ميليشيات الحشد الشعبي الذي تم تقنين وجودها بقانون( هيئة الحشد الشعبي) رقم( 40) لسنة 2016 منشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية رقم ( 4429)، الصادر من البرلمان العراقي يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 الذي يعد اخلالا بالشراكة الوطنية. حيث تكون هيئة الحشد الشعبي، وفقا لهذا القانون، تشكيلا عسكريا مستقلا عن الجيش العراقي ، بل قوة موازية و منافسة له ، وقد اسس على اساس طائفي، وهي قوة غير منضبطة و غير مهنية ولديهم مواقف سياسية، الامر الذي يعد خرقا للدستور العراقي عندما حظر اي دور للقوات المسلحة على الصعيد السياسي ، عليه لا يمكن تفسير وجوده مع وجود الجيش العراقي، الا كقوة طائفية تريد ان تفرض وجهة نظر وارادة طائفية معينة على العملية السياسية، في حين يعد هذا القانون مخالفا و خرقا فاضحا للدستور العراقي.
4 ـ المادة 12 ـ اولا: لم تقم السلطة التشريعية العراقية بتنفيذ المادة( 12/ اولا) الخاصة بتنظيم علم العراق و شعاره و نشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي، حيث لحد الان لا ترمز العلم العراقي و شعاره و نشيده الى كل مكونات الشعب العراقي ولا حتى الى المكونات الاساسية للشعب العراقي.
5 ـ المواد( 48، 65، و 137): من اهم الخروقات الرئيسية لمبدأ المشاركة من قبل السلطات الاتحادية عامة و السلطة التشريعية خاصة ، هي تعطيل تطبيق المواد ( 48، 65، 137) من الدستور والتي تتعلق بتحقيق مبدأ المشاركة و تحقيق التوازن بين السلطات الاتحادية و سلطات الاقاليم من خلال تشكيل مجلس الاتحاد( المجلس الثانس للبرلمان)، حيث لحد الان يقوم البرلمان العراقي لوحده بتشريع القوانين وفقا لمبدا الاغلبية ودون مراعاة راي الاقاليم والمحافظات، الامر الذي جعل مصلحة الاقاليم و المحافظات تحت رحمة الاحزاب الكبيرة، و كذلك مصلحة المكون السني و الكوردي تحت رحمة المكون الشيعي الذي يشكل اغلبية الشعب العراقي و بالتالي اغلبية البرلمان العراقي . ويعد هذا نسفا لمبدأ المشاركة، وليس هناك دليل على ان البرلمان العراقي يشرع قانون تشكيل المجلس الاتحادي في القريب العاجل. من جهة اخرى ان الكتل الشيعية الكبيرة، تستغل ثقلها و حجم مقاعدها في البرلمان العراقي لمصلحتها و مصلحة الطائفة الشيعية تحت ستار مبدا الاغلبية في النظام الديمقراطي من دون مراعاة راي و حقوق الكورد و باقي مكونات الشعب العراقي.
6 ـ تعد المحكمة الفدرالية من مميزات الدولة الفدرالية، حيث تقوم بالسهر على تنفيذ الدستور الفدرالي و حل المنازعات التي تنشا بين الاقاليم و بين الحكومة الاتحادية. لذلك تقوم هذه المحكمة بضمان تطبيق المبدا الفدرالي، عليه نصت الدستور الفدرالي العراقي في المادة ( 92) على ضرورة تشكيل هذه المحكمة من خلال قانون يسن من قبل البرلمان العراقي، لكن لحد الان عطل البرلمان العراقي هذه المادة من الناحية العملية ولم يقم بتشريع قانون ينظم عمل المحكمة الاتحادية وفقا للدستتور. ومن جهة اخرى فقد اهمل الدستور المعايير الدولية في تكوين المحكمة الاتحادية بنصه على تخصيص نسبة من مقاعدها( لفقهاء الشريعة)، كذلك تدخلت السلطة التنفيذية الاتحادية كثيرا خلال الفترة الماضية، خاصة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، في شؤن هذه المحكمة و قامت بتسيسها، مما الحقت ضررا كبيرا بعملها و سمعتها و حيادها.
7 ـ بهدف حسن تطبيق مبدأ المشاركة الحقيقية في الحكم، من خلال تحقيق التوازن و ضمان حقوق الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في الاقاليم، نص الدستور العراقي، في المواد( 105، 106، 107) على ضرورة تاسيس مجموعة من الهيئات بقانون، كتشكيل هيئة عامة لضمان حقوق الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في اقليم في المشاركة العادلة في ادارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة، و البعثات والزمالات الدراسية، والوفود و المؤتمرات الاقليمية و الدولية، والتي يجب ان تتكون من ممثلي الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم. كذلك تشكيل هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية والتي يجب ان تتكون من خبراء الحكومة الاتحادية والاقاليم و المحافظات و ممثلين عنها لتضمن التحقق من عدالة توزيع المنح و المساعدات والقروض الدولية بموجب استحقاق الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في اقليم. و التحقق من الاستخدام الامقل للموارد المالية الاتحادية و اقتسامها . وضمان الشفافية و العدالة عند تخصيص الاموال لحكومات الاقاليم او المحافظات غير المنتظمة في اقليم وفقا للنسب المقررة. كذلك ايضا تاسيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي ليتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة الاتحادية بما فيها التعيين والترقية . لكن ما يلاحظ هو ان السلطات الفدرالية العراقية بشقيها( التنفيذي و التشريعي) لم تقم باية خطوة تجاه تاسيس هذه الهيئات الضرورية لتطبيق مبدئي الفدرالية و المشاركة الحقيقية، ولا يوجد برنامج لتطبيق هذه المواد المهمة و الضرورية لحماية حقوق شعبانا الكوردي لدى السلطات الاتحادية.
8 ـ من جهة اخرى يلاحظ غياب النية الحقيقية للحكومات العراقية في تطبيق الدستور العراقي عامة و البنود التي تؤسس الدولة الفدرالية خاصة فيما يتعلق بتطبيق المواد( 117/ ثانيا، 118، 119)، المتعلقة بتشكيل الاقاليم الجديدة، حيث قامت الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2005 بمحاربة تشكيل الاقاليم سواء بشكل علني او غير علني، و المثال البارز في هذا المجال هو منع تشكيل اقليم صلاح الدين من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي ، حيث في يوم 27 تشرين الاول عام 2011 صوت مجلس محافظة صلاح الدين على جعل المحافظة اقليما فيدراليا وفقا للدستور، وتم الموافقة على رفع هذا الطلب الى الحكومة الاتحادية لاجل اتمام الاجرائات القانونية والرسمية لاعلان المحافظة اقليما. ثم توقف العمل بهذه القضية نتيجة معارضة الحكومة العراقية.
9 ـ المادة( 121/ ثالثا، رابعا) و المتعلقة بحقوق الاقاليم المالية و الدبلوماسية، حيث لم تخصص لاقليم كوردستان حصته العادلة من الايرادات منذ سنة( 2014)، و لم تؤسس في معظم السفارات و البعثات الدبلوماسية العراقية مكاتب التمثيل الدبلوماسي للاقليم.
10 ـ المادة( 141) حاربت الحكومة العراقية تطبيق هذه المادة من خلال محاربة القوانين و القرارات الصادرة من اقليم كوردستان.
11 ـ قام البرلمان العراقي بتمرير تشريع قانون الانتخابات العامة بالغلبية المطلقة ودون اخذ ملاحضات الاقليم و الاقليات بنظر الاعتبار، و قام بتقسيم العراق على عدة دوائر تساوي عدد المحافظات ، بعد ان كان جميع انحاء العراق يعتبر دائرة واحدة في اول انتخابات عامة في عام 2005 ، و يعتبر ذلك خرقا لمبدأ المشاركة لعدة اسباب : اولا، قام البرلمان بتوزيع مقاعد البرلمان على المحافظات على اساس نسبة سكان كل محافظة بالنسبة لسكان جميع العراق، لكن في الحقيقة لا يمكن التحقق من دقة عدد سكان المحافظات في غياب اجراء احصاء عاما موثوقا به لحد الان. و ثانيا، تقسيم العراق الى عدة دوائر من دون تخصيص مقاعد للاقليات بشكل عادل و منصف، يؤدي الى خسارة هذه الاقليات للكثير من مقاعدها، الامر الذي يؤدي الى الاخلال بتكوين البرلمان من حيث مدى حقيقة تمثيله للشعب العراقي، ويؤدي ذلك في غياب المجلس الاتحادي( مجلس الاقليم) الى الاخلال بمدآ الشراكة الحقيقية الصادقة، و بالتالي يؤدي الى التاثير على مبدأ التوافق داخل السلطة التشريعية
المحور الثاني: انتهاك مبدأ الديمقراطية و الفصل بين السلطات: ـ
لم تلتزم السلطات الاتحادية بمبدا الفصل بين السلطات و الذي يعتبر عماد النظام الديمقراطي الذي يضمن تاسيس دولة مدنية، اذ نصت المادة ( 47) من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 الى ان السلطات الاتحادية تتكون من السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية، تمارس اختصاصاتها و مهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات. غير انه لم يتم هذا الفصل كما كان مؤملا، من خلال عدم اكتمال بناء المؤسسات الاتحادية المطلوبة لترسيخ الفصل بين السلطات او عدم تشريع قوانين تنسجم مع روح النظام الديمقراطي و غلبة السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية و التشريعية.
اولا: تدخل السلطة التنفيذية في اعمال السلطة القضائية: اذ نجد ان المادة 130 من الدستور ينص على انه: تبقى التشريعات النافذة معمولا بها، ما لم تلغى او تعدل وفقا لاحكام هذا الدستور. وقد استمر العمل بالعديد من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل التي تعطي صلاحيات قضائية الى السلطة التنفيذية فالمواد التالية من الدستور العراقي الدائم: المادة ( 19/ خامسا) والمادة( 19/ ثاني عشر/ ا) و المادة ( 37/ اولا/ ب) المادة ( 88)، تنص على التوالي: المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة، يحظر الحجز، لا يجوز توقيف احد او التحقيق معه الا بموجب امر قضائي، القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لاي سلطة التدخل في شؤون العدالة. في المقابل نجد قرارات مجلس قيادة الثورة ما زالت سارية المفعول التي تنتهك استقلالية القضاء، كالقرار رقم( 27) في 4/2/1992 الذي يمنح وزير الداخلية صلاحيات فرض الغرامات و حجز المخالفين، القرار رقم( 55) في 1992 ينص على تخويل امين بغداد حجز الاشخاص لمدة من( 15) يوم الى شهر. و القرار( 160) في 1993 و تعديله القرار( 73) في 1994 منح وزير التجارة صلاحية فرض الغرامات ووضع اليد على الاموال، القرار( 160) 1997 و تعديله ، القرار رقم( 5) في 2002 منح وزير المواصلات حجز الاشخاص، و القرارات التالية هي سارية المفعول و تمس باستقلالية القضاء: القرار( 494)، و( 1333) لسنة 1984، و ( 215) في 20/2/1979 و القرار( 515) في 5/5/1985. هذا بالاضافة الى التقارير العديدة التي تشير الى تدخل السلطة التنفيذية في قرارات المحاكم.
ثانيا : تدخل السلطة التنفيذية في اعمال السلطة التشريعية وانتهاك المادة( 61) من الدستور والتي تنص على اختصاصات مجلس النواب و منها الفقرتين( خامسا و تاسعا) و الموافقة على تعيين السفراء واصحاب الدرجات الخاصة. ورئيس اركان الجيش، و معاونه ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، و رئيس جهاز المخابرات، بناء على اقتراح من مجلس الوزراء. لم تراعي الحكومات العراقية الفصل بين السلطات في هذه المادة حيث تجاوزت على سلطات البرلمان في تعيين القيادات العليا في الجيش العراقي، وفي اعلان حالة الطواريء لانه يجب الموافقة على اعلان الحرب و حالة الطواريء باغلبية الثلثين، بناء على طلب مشترك من رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء.
ثالثا: احتكار رئيس مجلس الوزراء و مكتبه سلطات مجلس الوزراء: لم بتم تطبيق المادتان( 80، 85) من الدستور من الحكومات العراقية المتعاقبة بشكل صحيح حيث تنص المادة( 80) على ممارسة السلطات المنصوص عليها من مجلس الوزراء في حين نرى ان معظم تلك السلطات تمارس من قبل رئيس مجلس الوزراء ( وهذا يشكل انفراد بالسلطة)، و لم تطبق المادة( 85) التي تتطلب وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء و كان الهدف هو تكريس حالة الانفراد بالسلطة، خلال دورتين انتخابيتين وقد نصت وثيقة الاتفاق السياسي في عام 2014 والتي بموجبها تم تاسيس الحكومة الثالثة بعد تنفيذ الدستور على ضرورة وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء ولم يصدر الا في نهاية عام 2014، بعد ان تسبب غيابه انفراد رئيس مجلس الوزراء بكل القرارات في الدولة.
رابعا: تدخل السلطة التنفيذية في شؤون الهيئات المستقلة:
خصص الدستور العراقي لسنة 2005 فصلا خاصا بالهيئات المستقلة من المواد فعد المفوضية العليا لحقوق الانسان و المفوضية المستقلة للانتخابات، و هيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع في اعمالها لرقابة السلطة التشريعية( رقابة مجلس النواب)، ويتم تنظيم اعمالها بقانون. و اعتبر كل من البنك المركزي و ديوان الرقابة المالية و هيئة الاعلام و الاتصالات ايضا من الهيئات المستقلة ماليا و اداريا و هذه الهيئات اما مسؤولة امام مجلس النواب او ترتبط به. ما عدا دواوين الاوقاف و مؤسسة الشهداء فترتبطان بمجلس الوزراء. الا ان قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 88 لسنة 2011 اثر بدرجة كبيرة على استقلالية هذه الهيئات و تم ربطها برئيس الوزراء انذاك مما سهل التدخل في ئؤونها و استغلالها بهدف الهيمنة على كل المفاصل التنفيذية في الدولة بدون رقيب.
وتنص المادة 135/ اولا من الدستور على ان الهيئة الوطنية للمساءلة و العدالة التي حلت محل الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث تواصل اعمالها باعتبارها هيئة مستقلة و تقوم بالتنسيق مع السلطة القضائية و الاجهزة التنفيذي الاخرى، و تخضع في عملها لرقابة مجلس النواب. الا انها استغلت بصورة سلبية في عملية الاقصاء و التهميش للمكون السني.
المحور الثالث: تنصل الحكومة الاتحادية من تطبيق المادة( 140) من الدستوور: ـ
بعد عملية تحرير العراق و سقوط النظام البعثي البائد، اتجهت الارادة الحرة للشعب العراقي نحو حل مشكلة المناطق المتنازع عليها و تطبيع اثار التغيير الديموغرافي و الاوضاع الادارية للمحافظات العراقية، من خلال المادة( 140) من الدستور العراقي لسنة 2005 والتي نصت على ( اولا: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة ( 58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، بكل فقراتها . ثانيا : المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية ، والمنصوص عليها في المادة ( 58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، تمتد و تستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على ان تنجز كلمة ( التطبيع، الاحصاء، و تنتهي باستفتاء في كركوك و المناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها) في مدة اقصاها الحادي و الثلاثون من شهر كانون الاول سنة 2007).
يتضح من نص المادة بان المشرع الدستوري و في الفقرة الاولى منها قد وضع على عاتق الحكومة الاتحادية مسؤولية اتخاذ الخطوات الضرورية لاستكمال تنفيذ المادة( 58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية من حيث اتخاذ التدابير اللازمة من اجل ازالة اثار الظلم الذي سببته الممارسات العنصرية للنظام البائد والتي ادت الى تغيير الوضع السكاني في محافظة كركوك و بعض المحافظات الاخرى ، وذلك من خلال تنفيذ الفقرتين ( ا و ب) من المادة( 58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004.
و من خلال ما قامت به الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2005 بهذا الخصوص، لم تظهر اية جدية في تنفيذ المادة ( 140) الدستورية، فلم تنفذ هذه الحكومات سوى بعض الخطوات البسيطة التي لم ترتقي للمستوى المطلوب، منها تشكيل لجنة عليا مكونة من تسعة اعضاء لتنفيذ المادة المذكورة اعلاه ، و تشكيل خمسة لجان تخصصية ( لجنة السكرتارية، اللجنة المالية، لجنة تقصي الحقائق، اللجنة الفنية، لجنة المتابعة)، بالاضافة الى ثلاث مكاتب فرعية ( مكتب كركوك، مكتب شنكال، مكتب خانقين)، وقد رفعت هذه اللجنة العليا عدة توصيات الى مجلس الوزراء لغرض تطبيق هذه المادة، ولكن تبين بعد ذلك عدم جدية الحكومة الاتحادية و غياب حسن النية و عدم وجود ارادة حقيقية من قبلها لتطبيق المادة المذكورة ، ومن التوصيات التي رفعتها اللجنة العليا: ـ
1 ـ اعادة الموظفين المفصولين سياسيا الى دوائرهم، الا انه لم يتم تطبيق هذه التوصية بالشكل المطلوب ، ولم يتم اعادة تعيين هؤلاء الا في بعض الحالات النادرة.
2 ـ اعادة المرحلين و المهجرين الى مناطق سكناهم الاصلية، حيث لم يتم تطبيق هذه التوصية من قبل الحكومة الاتحادية و لم يتم اعادة المرحلين و المهجرين الا بنسب قليلة و بشكل طوعي من قبل المرحلين انفسهم.
3 ـ اعادة الوافدين العرب الى مناطقهم الاصلية و منحهم امتيازات مالية قدرها ( 20 مليون دينار) لكل عائلة مع قطعة ارض سكنية في مناطق سكناهم الاصلية ، اذا لم تكن العائلة تملك قطعة ارض مخصصة لها سابقا من قبل الحكومة، و هذه التوصية لم تنفذ ايضا، فمعظم الوافدين العرب قد استلموا منحهم المالية المخصصة من قبل الحكومة الاتحادية ولم يجبروا على العودة الى مناطقهم الاصلية ، بل بقوا في المحافظة و استثمروا هذه الاموال في شراء اراضي جديدة في المحافظة، وذلك على الرغم من التدخل الايجابي لممثل الامم المتحدة لحل هذه المشكلة في سنة 2007.
و بهذا الخصوص لازالت عملية تعريب المحافظة مستمرة من قبل الحكومة الاتحادية، فهناك قرار صدر من وزارة الداخلية العراقية يسمح بنقل قيد النفوس لكل من يتزوج بعربية من سكان المحافظة، وكذلك العرب الوافدين الى المحافظة ممن رجعوا قيود نفوسهم الى محافظتهم الاصلية قاموا بارجاع قيودهم الى محافظة كركوك ، وكذلك منح البطاقة التموينية و بطاقة السكن لكل النازحين الذين يريدون الحصول عليها في المحافظة.
4 ـ الغاء العقود الزراعية التي ابرمت ضمن سياسات التغيير الديموغرافي( سياسة التعريب) في المناطق المتنازع عليها و من ضمنها كركوك، حيث بقت العقود الزراعية كما هي ولم تحرك الحكومة الاتحادية ساكنا لالغائها، فلا تزال الاراضي الزراعية في محافظة كركوك يستثمرها و يزرعها العرب الوافدون.
5 ـ الموافقة على صرف التعويضات للعوائل الشمولة بفقرات المادة( 140)، هذه المنح المالية لم تصرف الا لجزء يسير من المرحلين العائدين وقد تنصلت الحكومة الاتحادية من صرفها تحت ذريعة عدم وجودالميزانية الكافية.
6 ـ قرار خاص بمنطقة ( تسعين و حمزه لي) حول اعادة ممتلكاتهم المصادرة و المستملكة بدون تعويض من قبل النظام البائد او التي لم تستخدم للنفع العام، وهنا موضع الاشكال هو ان القرار لم يصادق عليه من قبل مجلس الوزراء، رغم تاكيدات اللجنة على اهميتها في حل كثير من النزاعات الملكية و المعاملات القضائية في كركوك علما بان القرار قد صدر في 1/10/2007.
7 ـ على الرغم من ان رئاسة جمهورية العراق باعتبارها جزء من السلطة التنفيذية الاتحادية، قد قامت بارسال مشروع قانون لاعادة ترسيم الحدود العراقية، الا ان البرلمان العراقي تقاعس عن اصدار هذا القانون.
8 ـ قام مجلس الوزراء برفض الاستجابة لطلب مجلس محافظة كركوك الخاص باجراء استفتاء في كركوك وذلك بحجة ان تنفيذ هذه المادة لا يزال في مرحلته الاولى وهي التطبيع.
و على الرغم من تشكيل اللجنة العليا و لجان و مكاتب فرعية، الا ان الية عملهم و المعوقات التي تم وضعها امامهم من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة كالاحتجاج بعدم وجود السيولة النقدية الكافية و عدم الجدية في نقل سجلات النفوس و البطاقة التموينية للوافدين العرب و استرجاع السجلات و البطاقة التموينية للمواطنين الكورد و التركمان في محافظة كركوك، ادى الى عدم تنفيذ الخطوات الاولية التي تمهد الطريق الى تطبيق المادة( 140)، من تطبيع للاوضاع السكانية و اجراء احصاء سكاني في المحافظة و من ثم اجراء استفتاء لتقرير مصير المحافظة من قبل ابناءها، ولاتزال عملية تطبيق المادة( 140) من الدستوري العراقي في مرحلتها الاولى، الا وهي مرحلة تطبيع الاوضاع في المحافظة.
المحور الرابع: قطع حصة الاقليم من الموازنة العامة الاتحادية : ـ
ان من اهم الالتزامات الدستورية للدولة بمفهومها الحديث هي توفير العيش الكريم لمواطنيها جميعا دون اقصاء، من خلال قيامها بتوفير الايرادات اللازمة لتغطية نفقاتها ضمن موازنة عامة تعدها الحكومة قبل بدء السنة المالية و تصادق عليها السلطة التششريعية باعتبارها ممثلة للشعب الذي هو مصدر السلطات و اساس شريعتها.
و بما ان الوحدات المكونة للدولة الفدرالية ( الاقليم او الولايات او الكانتونات) تتمتع عادة باستقلال مالي ، فيتم تخصيص جزء من الايرادات العامة الفدرالية لهذه الاقليم ، ومنذ نفاذ دستور جمهورية العراق في عام 2005 ، تم الاتفاق على تخصيص حصة اقليم كوردستان بنسبة ( 17%) سبعة عشرة في المائة من اجمالي النفقات الفعلية( النفقات الحاكمة) و نسبة17% من مجموع الانفاق الفعلي( النفقات الجارية ـ النفقات التشغيلية)، و نفقات المشاريع الاستثمارية) للموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق المصادق عليها استقطاع النفقات السيادية. و جميع قوانين الموازنة العامة الاتحادية السنوية نصت على هذه النسبة، و الزمت الحكومة الاتحادية ( وزارة المالية العراقية) بصرفها.
بيد ان الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2005 انتهكت التزاماتها الدستورية و اخذت تمارس سياسة اقتصادية تعسفية ممنهجة للتضيق على اقليم كوردستان، و ذلك من خلال:
1 ـ تخفيض النسبة المخصصة للاقليم: حيث لم تتجاوز حصة الاقليم بين 11 الى 12% في افضل الاحوال.
2 ـ استبعاد النفقات السيادية عن النفقات العامة من حصة الاقليم، و المبالغة في تخصيص هذه النفقات و اضافة انواع جديدة للنفقات السيادية، حيث حددت عدد هذه الانواع في عام 2006 ب( 16) نوعا من النفقات بموجب الفقرة( ب) من المادة 13 من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 1 لسنة 2006، وتم زيادة هذه الانواع باستمرار لتصل عددها الى 33 نوعا من النفقات السيادية بالاضافة الى فوائد القروض و الحوالات و اقساط القروض و عددها 34، بموجب الفقرة ثانيا من المادة 18 من قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق لسنة 2017 رقم ( 44) لسنة 2017.
3 ـ حرمان شعب كوردستان من قوته بقطع حصة الاقليم من الميزانية العامة منذ شباط 2014.
4 ـ تخفيض حصة الاقليم من الدواء، حيث لم تتجاوز حصة الاقليم منذ عام 2005 في افضل الاحوال عن 60 ـ 65% و منذ بداية تشرين الاول من عام 2016 تم تخفيض هذه النسب الى 25 ـ 30%.
5 ـ عدم صرف مستحقات اقليم كوردستان من النفقات السيادية التي يستحقها الاقليم و المخصصة لكل من:( وزارة الدفاع بحرمان قوات البيشمركة من رواتبهم، و مشاريع السدود و النفع العام).
ان قطع حصة الاقليم من الموازنة العامة و هذه السياسات التعسفية تعد انتهاكا صارخا لنصوص الدستور العراقي و ادى الى اهدار العديد من الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية لمواطني الاقليم نص عليها الدستور العراقي، و كانت هذه السياسة و لا تزال عاملا اساسيا لفقدان المواطن الكوردستاني الامل في جدوى البقاء ضمن دولة العراق و لا سيما بعد فشل الحكومة الاتحادية في جعل الدستور اداة لتعزيز و صيانة الوحدة الوطنية و التضامن لحقوقه كمواطن عراقي اصيل.
و يمكن اجمال اهم المواد الدستورية التي تم انتهاكها بسبب انتهاج الحكومة العراقية سياستها تلك فيما ياتي:
1 ـ المادة( 5 ): حيث اكدت هذه المادة على سيادة القانون التي انتهكها الحكومة العراقية من خلال عدم الالتزام بالاحكام الخاصة بحصة الاقليم من الموازنة العامة في قوانين الموازنة العامة الاتحادية منذ شباط 2014، علما ان قرار قطع الميزانية كان قرارا منفردا صدر عن رئيس مجلس الوزراء.
2 ـ المادة( 14) ميزت الحكومة العراقية بين مواطني الاقليم و مواطني بقية العراق بقطع رواتبهم و مصدر معيشتهم انتهاكا لهذه المادة التي نصت على ان العراقيون متساوون امام القانون دون التميز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل.
3 ـ المادتان( 25 ـ 26): ان الحكومة الاتحادية بخلاف هاتين المادتين التي ( كفلتا قيام الدولة العراقية باصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده و تنويع مصادره و تشجيع القطاع الخاص و تنميته، و تشجيع الاستثمار)، قامت بالاضرار باقتصاد الاقليم مما تسبب في احداث ازمة اقتصادية حقيقية من خلال سياسة قطع حصة الاقليم من الموازنة العامة، حيث اثرت على التعاملات التجارية، لان اكثرية المعاملات التجارية في الاقليم تعتمد على نظام الاقساط الشهرية، و خاصة مشاريع البناء و الاعمار و البنوك و الاسواق التجارية، فمعظمها تعتمد على اقساط او سلف شهرية سواءا كان من الحكومة ام المؤسسات التجارية ام الافراد.
4 ـ حسب الاحصائيات الرسمية لوزارة صحة الاقليم تم تقديم الخدمات الطبية من علاج واجراء عمليات جراحية الى اكثر من 35000 من النازحين و اللاجئين و افراد قوات الجيش العراقي للفترة ما بين تشرين الاول 2016 و حزيران 2017، قامت الحكومة الاتحادية بتخفيض حصة الاقليم من الادوية الى 25 ـ 30% منذ تشرين الاول من عام 2016، بل ظهرت في الاونة الخيرة اتجاه لاحداث كارثة صحية و انسانية في الاقليم وتجلى ذلك الاتجاه بوضوح عندما قدمت وزيرة الصحة العراقية في اذار 2017 طلبا الى مجلس الوزراء بقطع حصة اقليم كوردستان من الدواء، على الرغم من ان نفقات توفير الدواء تقع ضمن النفقات الحاكمة في الميزانية العامة.
5 ـ المادة( 32): انتهكت الحكومة الاتحادية التزاماتها الدستورية بشان رعاية المعاقين و ذوي الاحتياجات الخاصة و كفالة تاهيلهم بغية دمجهم في المجتمع، التي نصت عليها هذه المادة، نتيجة اجبار حكومة الاقليم بتخفيض رواتبهم و عدم استطاعتها توفير الستلزمات اللازمة لتاهيلهم، نتيجة الازمة المالية التي يعاني منها الاقليم بسبب قطع الموازنة العامة عنه.
6 ـ المادة( 106) بفقراتها الثلاثة: حيث اوجبت تشكيل هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية للتحقيق من عدالة توزيع المنح و المساعدات و القروض الدولية بموجب استحقاق الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في اقليم( الفقرة الولى)، و التحقيق من الاستخدام الامثل للموارد المالية الاتحادية و اقتسامها ( الفقرة الثانية)، ضمان الشفافية و العدالة عند تخصيص الاموال لحكومات الاقاليم او المحافظات غير المنتظمة في اقليم وفقا لنسب المقررة( الفقرة الثالثة)، ولكن تم تعطيل هذه المادة و لم يتم اصدار قانون بتشكيل هذه الهيئة لحد الان، ولم يتم تطبيق اي من المبادئ التي نصت عليها هذه المادة.
7 ـ واخيرا ان قطع حصة الاقليم من الموازنة العامة اثرت سلبا على ممارسة مواطني الاقليم للعديد من الحقوق الدستورية التي بطبيعتها تحتاج الى قيام الدولة بتوفير النفقات اللازمة لممارستها او التمتع به ، من ذلك:
أ ـ المادة( 33): و الخاصة بحق الفرد في العيش في ظروف بيئية سليمة ( الفقرة الاولى من المادة 33)، و كفالة الدولة حماية البيئية والتنوع الاحيائي والحفاظ عليه ( الفقرة الثانية من المادة 33) .
ب ـ المادة( 34): و الخاصة بحق التعليم و مكافحة الامية، و تشجيع البحث العلمي و رعاية التفوق و البداع و الابتكار و مختلف مظاهر النبوغ.
ج ـ المادة( 36): و الخاصة بحق الفرد في ممارسة الرياضة و التزام بتشجيع انشطتها و رعايتها و توفير مستلزماته.
د ـ المادة( 132): و الخاصة بحق ذوي الشهداء و السجناء السياسيين و المتضررين من الممارسات التعسفية للنظام الدكتاتوري المباد في الرعاية ( الفقرة الاولى من المادة 132)، وحق اسر الشهداء و المصابين نتيجة الاعمال الارهابية في التعويض( الفقرة الثانية من المادة 132).
المحور الخامس: فشل الحكومة الاتحادية في ادارة الملف النفطي( و عدم الاعتراف بمبدأ الشراكة في الثروات الطبيعية لشعب اقليم كوردستان): ـ
يحتل النفط مكانة مهمة في الاقتصاد العراقي مما استدعى تخصيص نصوص تفصيلية في الدستور العراقي الدائم لعام 2005 و هما المادتين ( 111) و( 112).
وقد اكدت المادة( 111) على ملكية الشعب لهذه الثروة البالغة الاهمية، اما المادة( 112) فهي بمثابة الوثيقة الوطنية التي تجسد تقسيم الثروة في العراق الجديد الذي كان من المفروض ان تبني على اساس الشراكة في السلطة و الثروة كركيزة اساسية من مرتكزات الدولة الفدرالية في دولة تحتوي اراضيها على ثروات طبيعية.
و كان من الضروري تنفيذ هذه المادة خاصة الفقرة الاولى منها من خلال قانون كامل و متكامل، لا سيما وان المرحلة الجديدة كانت تتطلب قانون يتلائم مع هذه المرحلة و ذلك لثلاثة اسباب:
السبب الاول: لم يكن في العراق قانون موحد للنفط والغاز قبل سقوط النظام السابق ، بل كانت هناك مجموعة من القوانين المبعثرة وتتخللها فترات زمنية طويلة.
السبب الثاني: ان النظام الاقتصادي القديم كان مبنيا على فلسفة الاقتصاد الموجه و تحت سيطرة نظام حكم شمولي وان القوانين النفطية النافذة كانت تعبر عن هذا الحكم الشمولي ، في حين ان النظام الاقتصادي الجديد في ما بعد نفاذ الدستور الدائم عام 2005 كان مبنيا على فلسفة الاقتصاد الحر والانفتاح بوجه الاستثمارات الاجنبية وهذا يعني ان القوانين السابقة لا تتلائم مع الوضع الجديد مما يتحتم صدور قانون جديد للنفط والغاز.
السبب الثالث: ان الدستور ينص على( الشراكة في ادارة النفط والغاز بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم و توزيع واردات النفط بشكل عادل، وتخصيص حصة للاقاليم المتضررة) وهذه الامور غير منظمة بقوانين سابقة ، من الضروري تنظيمها بقانون جديد. الا ان الحكومات المتتالية و المتعاقبة اصبحت حجر عثرة امام اصدار قانون للنفط والغاز منذ ان تم تقديم مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي الى مجلس النواب بتاريخ 4/7/2007 التي كانت تؤكد مواد وفقرات هذا المشروع وكذلك الاسباب الموجبة لمبدأ اقرار صلاحيات سلطات الاقاليم في ادارة وتطوير قطاع النفط والغاز، وقد سبق وان تم تقديم هذا المشروع الى مجلس شورى الدولة العراقي بتاريخ 26/2/2017 و سمحت الحكومة الاتحادية بان يتدخل مجلس الشورى الدولة التي لا تتجاوز صلاحياته تصحيح الصياغة القانونية واللغوية فحسب، بان يعطل الفقرة الاولى من المادة( 112) من الدستور العراقي التي تقر مبدأ الشراكة التامة في قطاع النفط والغاز بين الحكومة الاتحادية و حكومة الاقليم.
هذا ويمر الان اثني عشرة عاما على صدور الدستور العراقي الدائم ولا يزال العراق الاتحادي في حالة فراغ قانوني في اهم قطاع من قطاعات الاقتصاد الوطني العراقي بسبب تلكوء الحكومات العراقية المتعاقبة ، ورفضها الاقرار بمبدأ الشراكة لحكومة اقليم كوردستان( الاقليم الوحيد في العراق)، من خلال تشريع اتحادي وهو قانون النفط والغاز العراقي، مما يعني ان الحكومة الاتحادية تتحمل كل المشكلات القانونية من خلال ابرامها العقود مع جهات اجنبية، والقيام بكافة العمليات النفطية الاخرى، من دون وجود قانون يرسم نطاق العقود والعمليات، كل ذلك من اجل عدم الاعتراف بحق اقليم كوردستان بالشراكة في ثروة وطنية مملوكة لابناء هذا الاقليم بموجب سند الملكية الذي هو الدستور العراقي نفسه وذلك في المادة( 111) من هذا الدستور.
المحور السادس : انتهاكات الحقوق والحريات العامة: ـ
تعد حماية الحقوق والحريات العامة من اسمى المبادىء التي ينص عليها الغالبية العظمى من الدساتير الحديثة في العالم، وعلى الصعيد الدولي تعمل الغالبية العظمى من المنظمات الدولية على تحقيق تلك المبادىء ومن اهم تلك المنظمات منظمة الامم المتحدة التي نصت ميثاقها على ضرورة حماية تلك المباديء في ديباجتها وفي اكثر من فصل من فصول الميثاق، بل جعلها من احد المقاصد الاساسية التي تسعى هيئة الامم المتحدة لتحقيقها. وتاتي اهمية تلك المبادىء من انها تتصل مباشرة بحقوق وحريات الفرد الذي يعد اللبنة الاولى والاساسية لبناء كل من الاسرة و الدولة والمجتمع الدولي فانتهاك تلك الحقوق لا يؤثر فقط على الفرد بل يؤثر بصورة مباشرة او غير مباشرة على المجتمع الدولي، وظهر ذلك بوضوح( في العراق) حيث كان السبب الاساسي وراء تشكيل عصابات داعش هي ان اهالي المناطق التي ظهرت فيها تلك العصابات قد تعرضوا للتهميش و الاقصاء ولم تراعي الحكومات ابسط حقوقهم و انتهكت حرياتهم الاساسية.
علما ان الدستور العراقي الحالي قد نص على العديد من تلك الحقوق والحريات العامة ، والتي كان من احد الدوافع الاساسية وراء موافقة معظم فئات الشعب على هذا الدستور، ولكن الحكومات العراقية المتعاقبة والتي تشكلت وفق نصوص هذا الدستور عملت على انتهاك معظم النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات العامة وسنورد ادناه بعض تلك الانتهاكات وعلى النحو الاتي: ـ
1 ـ الفقرة ثانياً من المادة( 2) التي نصت على انه( يضمن هذا الدستور......... كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية.....)
لم تستطيع الحكومات العراقية الدفاع عن حرية العقيدة وممارستها للاقليات الدينية ك( الايزيديين، والمسيحيين، والصابئة، والكاكائية) حيث لم يستطيع اصحاب هذه الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بامان وحرية منذ عام ( 2005) والى الان وكان من اهم واجبات الحكومة العراقية وفقا للمادة اعلاه حماية اتباع هذه الاديان وتسهيل ممارسة شعائرهم الدينية.
2 ـ المادة( 14) التي نصت على ان ( العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل....الخ)
عملت الحكومات العراقية المتعاقبة عكس هذه المادة الدستورية حيث مارست سياسة التمييز العنصري بحق اطياف الشعب العراقي المختلفة فميزت الطائفة الشيعية على بقية الطوائف وفي مختلف مجالات الحياة. كالوظيفة العامة وتوزيع الواردات والدراسات العليا و البعثات الدراسية و البعثات الدبلوماسية وحتى في توفير الامن لسكان العراق لم تستطيع الحكومات العراقية تحقق المساواة بين طوائف الشعب العراقي . حيث نرى ان حملات التهجير القسرية مورست بحق معظم القوميات و المذاهب ماعدا اتباع المذهب الشيعي ولو اجرينا احصائية داخل المهجرين لثبت لنا تلك الحقيقة حيث نرى ان الغالبية العظمى من المهجرين هم من العرب السنة و المسيحيين و الصابئة و اصحاب الديانات الاخرى ومن الادلة القطعية على التهجير القسري للمسيحيين تصريح رئيس الوقف الشيعي سنة ( 2017) بان على المسيحيين اما دفع الجزية او الاسلام او القتل ولم يحاسبه احد على هذا التصريح . وهذا ماكانت تمارسه الحكومات العراقية ايضا ابان حكم حزب البعث وكأن التاريخ يعيد نفسه.
3 ـ المادة ( 15) التي نصت على انه ( لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ولايجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها وفقا للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية) والمادة( 37/ ب) نص على( لايجوز توقيف احد او التحقيق معه الا بموجب قرار قضائي).
عملت الحكومات العراقية عكس هذه المادة تماما فهنالك الكثير من حملات الاعتقال بحق المكون السني خارج نطاق القانون و القرارات القضائية. بل واكثر من ذلك فقد مورست مئات عمليات الاغتيال بحق اتباع الطائفة السنية، بوجود الحكومات العراقية ولم تحرك تلك الحكومات ساكنا في هذا المجال فعلى سبيل المثال في سنة( 2015)فقط بلغ عدد المختطفين في العراق( 524) شخصا وبلغ عدد الاغتيالات( 875) شخصا وفي سنة ( 2016) بلغ عدد المختطفين( 354) شخصا وبلغ عدد الاغتيالات( 518) شخصا. ونستطيع ان نبرهن ذلك بالادلة القطعية.
4 ـ الفقرة ثانيا من المادة( 28) والمواد( 29، 30) التي نصت على مجموعة من الحقوق الشخصية والاجتماعية و الاقتصادية للفرد العراقي( كتخفيض الضريبة على اصحاب الدخول المحدودة، والمحافظة على كيان الاسرة، وحماية الامومة، والطفولة والشيخوخة، ورعاية الشباب، ومنع الاستغلال الاقتصادي، ومنع العنف في الاسرة والمدرسة، وكفالة الضمان الاجتماعي والصحي و المقومات الاساسية في حياة كريمة لهم، وتوفير الدخل والسكن المناسب للفرد والاسرة وتامين الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حالة الشيخوخة او المرض او العجز....الخ).
لم تستطيع الحكومات العراقية توفير اي من تلك الحقوق بشكلها الصحيح عن كيان الاسرة العراقية فحدث ولا حرج عن تفتت الاف الاسر سواء بسبب الحرب او الفقر او العجز او الجهل، ولو تحدثنا عن حماية الامومة والطفولة والشيخوخة فان وضع هذه الفئات لا يخفي حالها على احد حيث نرى ان الاف منهم قد تشردو من ديارهم بسبب التهجير القسري او بسبب الارهاب وعدم قدرة الحكومة العراقية على المحافظة على الامن، هذا اضافة الى الالاف من الاطفال الذين حرمو من حق التعليم وحق العيش في حياة كريمة، وتشرد الالاف منهم في الشوارع و تعرضهم لمختلف لنواع الانتهاكات، وهكذا الحال بالنسبة لبقية الحقوق المذكورة في هذه الفقرة فكلها اهملت من الحكومات العراقية المتعاقبة سواء كانو متقصدين او غير متقصدين و في كلتا الحالتين فان تلك الحقوق قد اهدرت ويتحمل مسؤليتها الحكومات العراقية المتعاقبة.
5 ـ المواد ( 31، 32) التي تنظم مجموعة من الحقوق الصحية للفرد العراقي( كالحق في الرعاية الصحية و انشاء المستشفيات و المؤسسات الصحية، ورعاية المعاقين وذوي لاحتياجات الخاصة). لم تستطيع الحكومات العراقية مراعات تلك الحقوق وخصوصا بحق مواطني اقليم كوردستان، فعلى الرغم من ان النفقات المخصصة لشراء الادوية والمستلزمات الطبية هي من النفقات السيادية في العراق وان ميزانيتها تخصص من قبل كل الفقرات الاخرى من الميزانية العراقية، الا ان الحكومة العراقية قللت حصة الاقليم من الدواء و المستلزمات الطبية بدلا من زيادتها وهذا عكس ما كنا ننتظره من الحكومات العراقية لان الاقليم استضافت اكثر من( 1.800.000) مليون و ثمانمئة ألف نازح ولاجيء من المحافظات العراقية ولايخفى على احد ما يتطلبه علاج هذا العدد الضخم من اللاجئين من دواء وتوفير المستشفيات والاجهزة الطبية اللازمة لعلاجهم ، ولو اردنا الحديث عن رعاية المعاقين فان الحكومات العراقية قصرت ايضا في هذا المجال حيث يوجد في العراق الالاف من العاقيين قبل الحرب ضد الارهاب والالاف بعد الحرب ضد الارهاب ولم تراعيهم الحكومات العراقية بل وليس لها خطة لمراعاتهم في المستقبل، وهكذا الحال بالنسبة لبقية الحقوق المذكورة في هذه الفقرة.
6 ـ المادة( 33) التي تنص على( ضرورة قيام الدولة بتوفير بيئة سليمة لمواطنيها). لم تستطيع الحكومة الايفاء بهذا الالتزام المهم التي حياة مواطنيها وبدلا من ذلك ازدادت بيئة العراق تلوثا بعد عام 2003.
7 ـ المادة( 41) نص على ( العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختيارهم.... الخ) .
عطلت الحكومات العراقية هذه المادة فلم تنظم لاصحاب الديانات المختلفة( كالمسيحيين و الايزديين و الصابئة و غيرهم) احوالهم الشخصية حسب مذاهبهم و معتقداتهم ويعد هذا العمل مخالفة صريحة لمبدآ حرية العقيدة الذي يعد من اهم حقوق المواطنين واساس التعايش بين اصحاب الديانات المختلفة في الدولة.
8 ـ الفقرة اولا من المادة( 44) التي نصت على ان( للعراقي حرية التنقل و السكن داخل العراق و خارجه).
عملت الحكومات العراقية عكس هذه المادة حيث عملت على منع سفر المرأة لوحدها.
9 ـ الفقرة ثالثا من المادة( 37) التي نصت على( منع الاتجار بالنساء).
قصرت الحكومات العراقية كثيرا في هذا المجال ولا ادل على ذلك من انتشار ظاهرة زواج القاصرات و الفتيات اللواتي لم يبلغن من العمر( 18) سنة.
10 ـ المادة( 125)( يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية و السياسية و الثقافية و التعليمية للقوميات المختلفة... الخ).
عطلت الحكومات العراقية هذه المادة ايضا حيث لم تستطيع الحكومات ان تضمن ايا من الحقوق السياسية او الادارية او الثقافية او التعليمية للقوميات المختلفة في العراق كما يجب.
11 ـ المادة( 132/ اولا ثانيا) نص على( تكفل الدولة رعاية ذوي الشهداء و السجناء السياسيين...، وتعويض اسر الشهداء والمصابين نتيجة الاعمال الارهابية).
لم تستطيع الحكومات العراقية مفالة حقوق الشهداء و السجناء السياسيين وخاصة الشهداء و السجناء السياسيين من اهالي اقليم كوردستان حيث كان من واجب الحكومات العراقية تعويض ذوي الانفال و ذوي الشهداء( في حلبجة، والذين استشهدوا في نضالهم ضد النظام البائد ) ( علما ان عمليات الانفال و قتل المواطنين في حلبجة تم عدها كعمليات ابادة جماعية من قبل البرلمان العراقي) ولم تقم الحكومة ايضا بتعويض السجناء السياسيين في تلك الفترة كما يجب. اما بالنسبة لتعويض اسر الشهداء و المصابين نتيجة الاعمال الارهابية، فان الحكومات العراقية مقصرة جدا في هذا المجال، فمثلا في الحرب ضد داعش استشهد( 1693) من قوات البيشمركة واصيب ما يقارب ( 10000) منهم . ولم تقم الحكومات العراقية بتعويض ولا اسرة واحدة من اسر هؤلاء الابطال، بل وحتى لم تبدي نيتها في تعويضهم، وكذلك الحال بالنسبة لبقية عوائل الشهداء و المصابين نتيجة الاعمال الارهابية من( 2003) والى( 2017).
المحور السابع: عدم تكامل النظام القانوني والتشريعي في العراق: ـ
ان السلطات الاتحادية العراقية حاولت مرارا تعطيل الدستور العراقي وذلك بعدم تقديم مشاريع قوانين من قبل الحكومة تجسد النظام الفيدرالي في العراق الجديد، وانما تعمل السلطات الاتحادية بصورة عامة والحكومة بصفة خاصة بروح نظام مركزي بحيث تتم ادارة هذه الدولة كما كانت تدار قبل عام 2003، بحيث ضدرت قوانين ذات طابع مركزي وبصفة مستعجلة و سريعة اما القوانين التي لها طابع اتحادي فان الحكومة العراقية لا تقدم المشاريع بشانها، ولا يبذل مجلس النواب العناية اللازمة لصدر هكذا قوانين، باضافة الى ذلك انه لو تم تقديمها فان الكتل النيابية التي تمثل السلطة تعمل على عرقلتها تحت صبغة الاغلبية النيابية وكان العراق دولة ذات نسيج قومي واحد، وفيما يلي نستعرض المواد الدستورية التي تم تعطيلها ولم تصدر القوانين ذات الصلة بالشؤون التي تؤكد هذه المواد صدور قوانين حولها.
1 ـ جاء في المادة 12 اولا: ـ ينظم بقانون، علم العراق و شعاره و نشيده الوطني بما يرمز لمكونات الشعب العراقي.
ثانيا: ـ تنظم بقانون، الاوسمة و العطلات و المناسبات الدينية و الوطنية و التقويم الهجري و الميلادي.
بما انه من الضروري الاشارة الى مكونات الشعب في العلم ولحد الان يستخدم العلم العراقي الذي اقره النظام العراقي السابق مع تعديلات طفيفة عليه لا ترقى الى مستوى الترميز الى مكونات الشعب العراقي ، وبعبارة اخرى ليس هناك حضور للشعب الكوردي في العلم العراقي وكذلك بقية مكونات الشعب العراقي ، كما ان الاعياد و المناسبات الوطنية للشعب الكوردي مهمشة من قبل السلطات الاتحادية.
2 ـ ما جاء في المادة( 18) من الدستور العراقي حيث ان من يولد من ام عراقية يعد عراقيا، اذ ان الحكومة الاتحادية عطلت هذه المادة مما تؤثر على مدى صيانة حقوق المراة العراقية.
3 ـ المواد( 21، 22، 24) وتشمل هذه المواد حق اللجوء السياسي و عدم تسليم اللاجئين، وحق تأسيس النقابات و الاتحادات المهنية ، وحرية الانتقال للايدي العاملة والبضائع ، وحق التملك ، وحظر التملك لاغراض التغيير السكاني.
4 ـ لقد اكدت المادة( 84) من الدستور على صدور القانون الخاص بعمل الاجهزة الامنية وجهاز المخابرات، الا انه لم يصدر لحد الان مما تسبب بالكثير من الخروقات في مجال حقوق الانسان هذا اضافة الى فشل امكانيات تلك الاجهزة في المحافظة على الامن الوطني وظهر هذا جليا في سيطرة عصابات داعش على اكثر من ثلث الاراضي العراقية ، عندما سقطت ثاني اكبر محافظة وهي محافظة نينوى ومن ثم محافظة تكريت واقضية ونواحي كركوك بيد داعش ولم تتمكن هذه القوات من المحافظة عليها.
5 ـ عدم صدور قانون الطواريء لتنظيم شؤون البلاد اثناء الحرب بموجب الفقرة تاسعا من المادة( 61) من الدستور.
6 ـ المادة( 86) لم يصدر القانون الخاص بعمل الوزارات مما تسبب ذلك في تعطيل عمل المواطنين اضافة الى الخلل في العلاقة بين اجهزة الحكومة الاتحادية و الاقاليم و المحافظات الغير المنتظمة في اقليم.
7 ـ المادة( 93/ سادسا) لم يصدر القانون الخاص بالفصل في الانتهاكات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وتسبب ذلك في تعطيل العدالة، وكذلك قيام رئيس مجلس الوزراء بقطع الميزانية عن اقليم كوردستان من دون وجود قانون يمكن توجيه الاتهام اليه من خلاله.
8 ـ عدم صدور قانون النفط و الغاز بموجب الفقرة الاولى من المادة( 112) من الدستور حيث يوجد فصل خاص بهذا الملف من ضمن هذه المذكرة.
9 ـ المادة( 113) لم يشرع القانون الخاص بالاثار مما تسبب في اهمال جانب كبير من جوانب حضارة الشعوب العراقية و حضارة وادي الرافدين.
10 ـ ان ملف الكمارك في العراق يمر بفوضى قانونية لا سيما تلك التي تجبى في النقاط التي يتم الدخول فيها الى محافظات اقليم كوردستان، كان من الضروري صدور قانون بشانها بموجب الفقرة اولا من المادة( 114) من الدستور.
11 ـ المادة( 123) لم يصدر القانون الخاص بتفويض صلاحيات الحكومة الاتحادية للمحافظات، وهذا بخلاف مبدأ اللامركزية الادارية التي قام على اساسها النظام الاداري في العراق بعد نفاذ الدستور العراقي لعام( 2005)ز
12 ـ المادة( 124) لم ينظم وضع العاصمة بغداد بقانون.
المحور الثامن: فشل الدولة العراقية : ـ
ظهر بوضوح فشل الدولة العراقية وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على ادارة دولة العراق الفدرالية. هناك مجموعة من المعاير والمؤشرات الدولية تدل هلى فشل الدولة العراقية في كافة الاصعدة الحياتية واشارت اليها صراحة المنظمات و الهيئات الدولية المختصة. العراق دولة ضعيفة و غير فعالة في توفير الخدمات البدائية و الامن والرخاء الاقتصادي، وبالرغم من المساعدات الدولية من اجل نهوض بالعراق، الا ان هذه الدولة تعاني من ويلات الحرب المستمرة والتدهور الاقتصادي و الفساد متفشي و انتهاكات واسعة لحقوق الانسان وحقوق الاقليات ونهاية التعايش السلمي و تدخل دول الجوار. العراق عاجزة عن القيام بمهامها كدولة حقيقية و هدم جميع دعائم الفدرالية وذلك من خلال تنفيذ او تعطيل عدد من مواد الدستور على النحو الاتي:
اولا: تنص المادة( 7)/ ( اولا) و( ثانيا) على ما يلي:
اولا: يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له ، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت اي مسمى كان ، ولايجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون.
ثانيا: تلتزم الدولة بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله ، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقرا او ممرا او ساحة لنشاطه.
فشلت الجمهورية العراقية في حظر نشؤ الكيانات التي تتبنى العنصرية و الارهابية و التكفيرية. المنظمات الارهابية مستمرة في نشاطاتها الدموية وغير الانسانية ، اذ ظهرت العديد منها على الاراضي العراقية ولم تستطيع الدولة منعها. والدليل على ذلك، الاعلان عن تنظيم ( داعش) الارهابي على جزء كبير من الاراضي العراقية وخاصة في مدينة الموصل، ثاني اكبر مدينة في العراق. هذه الدولة لم تحمي مواطنيها واصبحوا عرضة للتطهير الطائفي والابادة الجماعية على يد جماعات ارهابية مسلحة. بسبب هشاشة المؤسسات الامنية والدفاعية العراقية، اصبحت منظمة( داعش) الارهابية الاكثر دموية في العالم، اغنى و اقوى منظمة ارهابية في العالم، لم تهدد فحسب العراق، بل اصبحت تهدد العالم اجمع . العراق لم يعد ملاذا امنا للعراقيين . وفقا لاحصائيات الامم المتحدة ، بات من اكثر دول العالم عرضة للهجرة و التهجير القسري و النزوح الجماعي ، اذا تشير الارقام الى خمسة ملايين عراقي يعيشون خارج منازلهم المعتادة ، من بينها 1.8 مليون عراقي و سوري استقروا في اقليم كوردستان. منذ صدور الدستور في عام 2005، عدد المهاجرين و النازحين في تصاعد مستمر. بالرغم من كل ما تم الاشارة اليه اعلاه ، الا ان دولة العراقية لم تزود قوات الـ ( بيشمركة)، قوات مشكلة وفقا للدستور العراقي، بالاسلحة و العتاد العسكري لتفادي جزء من هذه الكوارث الانسانية و الاجتماعية.
الوظيفة الاساسية للدولة هي حماية مواطنيها من الاعتداء والارهاب. وبموجب المادة( 109) من الدستور العراقي" تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق و سلامته و استقلاله و سيادته و نظامه الديمقراطي الاتحادي، وان من الاختصاصات الحصرية للسلطة الاتحادية بموجب المادة( 110)/( ثانيا)" وضع سياسة الامن الوطني و تنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها لتامين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه".
من المعلوم، ان السلطات العراقية لم تحافظ على وحدة العراق واستقلاله و سيادته منذ اصدار هذا الدستور في 2005. لم يقم حقا بحماية الاراضي العراقية، والتي كان تحت سيطرة منظمات ارهابية لفترات طويلة. نوجه انتباه للمجتمع الدولي، ما هي ضمانات لعدم ظهور منظمات ارهابية اخرى اكثر قوة من داعش؟ من كان في العالم يتوقع ظهور سوق السبايا والاغتصاب الجماعي للنساء والقتل الجماعي للايزيديين في عام 2014 مستمر الى يومنا هذا ؟ ان ارضية العراق ما زالت خصبة لارتكاب كوارث انسانية واجتماعية وظهور منظمات مشابهة لداعش. التاريخ والجرائم الدولية اعادت نفسها لكثير من المرات في العراق.
ثانيا: تنص المادة( 8) على نا يلي:
" يرعي العراق مبدأ حسن الجوار، ويلتزم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على اساس المصالح المشتركة و التعامل بالمثل، ويحترم التزاماته الدولية".
لم تستطيع الحكومات العراقية المحافظة على استقلال العراق و سيادته في التعامل مع دول الجوار على اساس المصالح المشتركة و التعامل بالمثل . العراق لم يرعى حسن الجوار بنفس المستوى فحسب بل اصبح خاضعا لبعض دول الجوار. ان مفهوم حسن الجوار كان عرضة للاستغلال، حيث كان وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للعراق بغية تعزيز حسن الجوار المذهبي او الايديولوجي و توسيع مناظق نفوذ بعض دول الجوار دون مراعاة للحواجز الجغرافية و الحدود الدولية.
وبموجب المادة( 110) من الدستور تختص السلطات الاتحادية العراقية بالاختصاص الحصري في مجال المياه الدولية على النحو التالي:
" ثامنا: تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق وضمان مناسب تدفق المياه وتوزيعها العادل داخل العراق. وفقا للقوانين والاعراف الدولية".
العراق لم يقم بواجبه لضمان تدفق المياه من دول الجوار. العراق ظل ساكتا و مراقبا لمشاريع السدود المائية لدول الجوار . العراق قد يجد نفسه محروما في المستقبل من مياه دجلة والفرات، لايوجد تخطيط للسياسات المتعلقة بالمياه في خارج العراق، ولا يوجد ضمان للخدمات الاساسية في العراق من دون تدفق مياه النهرين ويصبح مستقبل العراق في خطر وتحت رحمة دول الجوار.
ثالثا: تنص المادة( 9)( اولا) على ما ياتي:
" تتكون القوات المسلحة العراقية و الاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها و تماثلها دون تمييز او اقصاء و تخضع لقيادة السلطة المدنية و تدافع عن العراق ولاتكون اداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة.
ب ـ يحضر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة".
لم تستطيع الحكومات العراقية منع تكوين الميليشيات خارج اطار القوات المسلحة. وان احد المكونات العراقية تسيطر بصورة كاملة على القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية في العراق . في البداية، تم تشكيل هيئة الحشد الشعبي خارج المؤسسات الدفاعية و الدستورية، تتشكل هذه الهيئة من مكون عراقي واحد. وبعد فترة من تكوين تشكيلاتها العسكرية وفي تاريخ 14/12/ 2016 تم تشريع قانون هيئة الحشد الشعبي رقم ( 40) لسنة 2016 منشور في الجريدة الرسمية الوقائع العراقية( 4429). وجدير بالذكر، ان هيئة الحشد الشعبي مؤلفة من فصائل عديدة، كل منها خاضعة لشخصيات واحزاب سياسية و جهات معينة غير حكومية. هذه الهيئة غير مهنية، وغير منضبطة من الناحية العسكرية، ولها مواقف سياسية في الشؤون الوطنية وتتدخل في الخلافات السياسية. نتيجة لذلك اصبح العراق دولة متعددة الجيوش والقوات المسلحة. دولة العراق من الدول النادرة في العالم التي ليست لها قوة دفاعية موحدة ، وان هذه الهيئة تكرس ظاهرة دولة داخل الدولة وبذلك اصبح الامن والاستقرار تحت رحمة فصائل و ميليشيات عسكرية متعددة، كل ذلك خلافا للدستور العراقي.
رابعا: تنص المادة( 25) على ما يلي:
" تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته".
وتنص المادة( 28)/( اولا) و( ثانيا) على ما يلي:
" اولا: لا تفرض الضرائب والرسوم ولاتعدل ولا تجبى، ولا يعفي منها، الا بقانون.
ثانيا: يعفي اصحاب الدخول المنخفضة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الادنى اللازم للمعيشة، وينظم ذلك بقانون".
وتنص المادة( 106) على ما يلي:
" تؤسس بقانون هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية وتتكون الهيئة من خبراء الحكومة الاتحادية والاقاليم و المحافظات وممثلين عنها وتضطلع بالمسؤليات الاتية:
اولا: التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية بموجب استحقاق الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في اقليم.
ثانيا: التحقق من الاستخدام الامثل للموارد المالية الاتحادية و اقتسامها.
ثالثا: ضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص الاموال لحكومات الاقاليم او المحافظات غير المنتظمة في اقليم وفقا للنسب المقررة".
بالرغم من المساعدات الدولية، الا ان الدولة العراقية لم تستطع اصلاح الاقتصاد العراقي وفق الاسس الاقتصادية الحديثة كما نص عليه المادة ( 25) من الدستور. وفشلت الدولة العراقية في تنظيم الضرائب بقانون مما اثر سلبا على الاقتصاد العراقي كما نص عليه المادة( 28). ولم تنجح دولة العراق في تاسيس هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية. العراق على حافة انهيار اقتصادي. الميزانية السنوية المقررة من قبل مجلس النواب العراقي لا يتم تنفيذه كما ينبغي لاسباب سياسية و طائفية معينة ، النسبة المئوية من الميزانية السنوية للعراق مخصصة لاقليم كوردستان لم يحترم من قبل الحكومة العراقية. منذ بداية 2014، هناك انقسام اقتصادي، العراق منقسم الى شطرين. قسم لا يصرف عليه الواردات و الميزانية الاتحادية ، كاقليم كوردستان والمناطق السنية غير المستقرة امنيا، وقسم اخر من العراق ينعم بواردات الدولة العراقية. لم تحقق السلطات الاتحادية العدالة ، ولم يتم توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية كما هو مبين في الدستور. وبالاضافة الى ذلك، تعاني جمهورية العراق من انخفاض حاد من احتياطات النقدية في البنك المركزي، ان هذه الامور من الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية طبقا للمادة( 110) ثالثا التي تنص على نما يلي:
" رسم السياسة المالية والكمركية واصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم و المحافظات في العراق ووضع الميزانية العامة للدولة ورسم السياسة النقدية وانشاء بنك مركزي وادارته" .
سادسا: تنص المادة( 12/ ثانيا)
" ثانيا: تنظم بقانون الاوسمة والعطلات الرسمية و المناسبات الدينية و الوطنية و التقويم الهجري و الميلادي".
لم يتم تشريع القانون الذي ينظم العطلات مما تسبب في عدم توحيد الاعياد الرسمية داخل العراق. واهم الاعياد الدينية في العراق وهما عيدي الاضحى و الفطر لا يتم الاحتفال بهما في يوم واحد أومدينة واحدة او حي واحد ، بل يحتفل البعض بالعيد واخرون يحتفلون بالاعياد الدينية مع دول الجوار وليس مع جيرانهم في الحي ، الشعب العراقي لايحس بالوحدة الوطنية في الاعياد الدينية والوطنية حيث ان الطائفية هي السائدة في تحديد الاعياد.
خامسا: تنص المادة( 110)/ تاسعا على ما يلي:
" تختص السلطات بالاختصاصات الحصرية الاتية:
تاسعا: الاحصاء و التعداد العام للسكان".
منذ صدور الدستور، فشل العراق بقيام الاحصاء والتعداد العام للسكان. ان غياب الاحصاء والتعداد العام للسكان، يؤثر بشكل بالغ على سير عمليات الانتخابية والديمقراطية في العراق. وفي جميع الانتحابات العراقية، هناك اتهامات متبادلة بخصوص نزاهة التصويت.
ان غياب الاحصاء والتعداد للسكان يؤثر على تنفيذ مادتين هامتين في الدستور العراقي وهما المادة( 49)/ اولا التي تقرا على شكل التالي:
" اولا: يتكون مجلس النواب من عدد الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي باكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعي تمثيل سائر مكونات الشعب فيه".
على اي اساس تم تحديد مجلس النواب ب( 328) نائبا طبقا للمادة( 11) من قانون انتخاب مجلس النواب العراقي رقم( 45) لسنة 2014؟ والجدير بالذكر لا يعبر هذا العدد نسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة. يعد انتهاكا للدستور اعداد سجل الناخبين وفقا لقاعدة بيانات البطاقة التموينية.
السبب الرئيسي من وراء تعطيل المادة( 110) تاسعا هؤ غياب حسن النية للتنفيذ المادة الدستورية( 140)، سبق ذكرها. ان من اهم خطوات لانجاز المادة( 140) ومصير المناطق المتنازع عليها هي اجراء( الاحصاء). لا توجد نية حقيقية من جانب السلطات العراقية اتنفيذ هذه المادة، وحاولت الجمهورية بجميع الطرق لمنع تنفيذها بما في ذلك عدم اجراء الاحصاء وتعداد العام للسكان.
وخلاصة القول، فإن المواد والفقرات الدستورية التي انتهكها العراق بشكل كامل أو جزئي ، هي 63 مادة دستورية ، وهي (1، 2، 4، 5، 7، 8، 9، 11، 12، 14، 15، 18، 19، 21، 22، 24، 25، 26، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 36، 37، 41، 44، 47، 48، 49، 61، 65، 80، 84، 85، 86، 88، 92، 93، 105، 106، 107، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 117، 118، 119، 121، 123، 124، 125، 130، 132، 135، 137، 140 و 141(